المستريح الإلكتروني.. القصة الكاملة لبلاغات بالمليارات ضد منصة VSA بعد الاستيلاء على أموال آلاف المواطنين واختفاء مفاجئ

القاهرة: بوابة اليوم
في واحدة من أكبر قضايا الاحتيال الإلكتروني التي شهدتها مصر مؤخرًا، تصدرت منصة تُدعى “VSA” المشهد بعد تلقي الأجهزة الأمنية مئات البلاغات من مواطنين يتهمون القائمين عليها بـ”النصب والاستيلاء على أموالهم” بزعم تحقيق أرباح من مشاهدة مقاطع الفيديو والتسويق الإلكتروني، فيما عُرفت القضية إعلاميًا باسم “المستريح الإلكتروني”، وسط تحرّك عاجل من الأجهزة الأمنية والنيابة العامة لكشف ملابسات الواقعة وضبط المتهمين.
البداية.. منصة تَعِد بالثراء السريع
بدأت القصة بمنصة إلكترونية تُروّج نفسها عبر مواقع التواصل الاجتماعي باعتبارها مشروعًا استثماريًا رقميًا يوفر أرباحًا يومية تبدأ من 40 جنيهًا وقد تصل إلى 8000 جنيه يوميًا، حسب مستوى الاشتراك الذي يتدرج من “V1” حتى “V6”.
ادعت المنصة أنها تربح من الإعلانات ومشاهدات الفيديوهات وتُوزع الأرباح على المستخدمين مقابل القيام بمهام بسيطة يوميًا، كتشغيل مقاطع فيديو قصيرة، ودعوة الآخرين للتسجيل من خلالهم، وهو ما جعل آلاف المصريين يتهافتون على الاشتراك، ودفع مبالغ تبدأ من 1500 جنيه وقد تصل إلى أكثر من 25 ألف جنيه حسب نوع الباقة.
نظام إحالة هرمي واحتيال مقنع
اعتمدت المنصة على نظام إحالة هرمي خادع، حيث يتم تحفيز المستخدمين على جذب مشتركين جدد مقابل أرباح إضافية، ما أدى إلى توسع الشبكة بصورة كبيرة وسريعة.
وبالرغم من أن بعض المشتركين أكدوا حصولهم على أرباح محدودة في البداية، فإن المنصة توقفت عن صرف أي مستحقات بعد فترة قصيرة، وبدأت في طلب مبالغ إضافية تحت مسمى “تفعيل الحسابات” أو “زيادة الأرباح”، ما تسبب في استنزاف أموال الآلاف، قبل أن تختفي المنصة كليًا، ويتم إغلاق الموقع والتطبيقات وحذف الحسابات الرسمية.
بلاغات جماعية.. ومليارات مهدرة
عقب الاختفاء المفاجئ، تقدّم المئات من الضحايا ببلاغات رسمية إلى مباحث الأموال العامة، ومباحث تكنولوجيا المعلومات، والنيابة العامة في عدد من المحافظات من بينها القاهرة، الجيزة، الإسكندرية، والدقهلية، يتهمون فيها القائمين على منصة “VSA” بالنصب والاحتيال والاستيلاء على أموالهم دون وجه حق.
ووفقًا لما جاء في بعض البلاغات، فقد تجاوزت قيمة الأموال المستولى عليها نحو 3 مليارات جنيه مصري، وهو رقم ضخم يكشف مدى اتساع شبكة الضحايا.
ضحايا يروون التفاصيل
قال أحد الضحايا ويدعى “م.س.”، موظف في القطاع الخاص، إنه دفع ما يقرب من 11,600 جنيه في الاشتراك بالمنصة، ثم فوجئ بطلب دفع 2280 جنيهًا إضافية لتفعيل الحساب، وعندما حاول التواصل مع خدمة العملاء لم يجد أي رد، مشيرًا إلى أن هناك عشرات من أصدقائه وأقاربه تعرضوا للخداع نفسه.
وفي بلاغ تقدمت به سيدة بمحافظة الجيزة، أكدت أنها جمعت مبلغ 30 ألف جنيه من أقاربها واشتركت في المنصة أملاً في تحقيق أرباح تُعينها على مواجهة تكاليف الحياة، لكنها فوجئت باختفاء المنصة تمامًا.
تحركات أمنية عاجلة
في ضوء البلاغات المتزايدة، فتحت الأجهزة الأمنية تحقيقًا موسعًا، وبدأت الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة بالتنسيق مع إدارة مكافحة جرائم تقنية المعلومات في تتبع الحسابات البنكية، والمحافظ الإلكترونية المستخدمة في استقبال الأموال.
وكشفت التحريات الأولية عن أن عددًا من القائمين على المنصة يحملون جنسيات أجنبية، وأنهم قاموا بإنشاء مقرات وهمية، كما استعانوا ببعض المصريين للترويج للنشاط بهدف إضفاء طابع “الشرعية” الزائفة على المنصة.
كما تم تشكيل فريق قانوني وفني مشترك لتعقّب الأموال وملاحقة الجناة داخل مصر وخارجها، بالتنسيق مع النيابة العامة وجهات إنفاذ القانون الدولي.
دعوات لتغليظ العقوبة والتوعية المجتمعية
من جانبه، طالب خبراء قانونيون بضرورة تغليظ العقوبات على جرائم الاحتيال الإلكتروني، خاصة تلك التي تُمارس عبر الإنترنت أو باستخدام العملات الرقمية أو المحافظ الإلكترونية، مشيرين إلى ضرورة الإسراع في إصدار قوانين مُحدثة تتماشى مع تطورات الجريمة الإلكترونية.
كما شددوا على أهمية رفع الوعي المجتمعي، لا سيما بين فئات الشباب والعمال والنساء الذين يُعتبرون أكثر عرضة لمثل هذه الأنشطة الخادعة التي تُغريهم بالأرباح السريعة مقابل مهام بسيطة.
تظل قضية “منصة VSA” نموذجًا واضحًا لتحوّل الاحتيال التقليدي إلى جريمة إلكترونية عابرة للحدود، تستهدف الطمع البشري وسوء الفهم للتقنيات الرقمية، ما يُحتم على الدولة والمجتمع تفعيل أدوات الرقابة والردع والتوعية، حتى لا تتكرر مثل هذه الكارثة الاقتصادية والاجتماعية التي طالت آلاف الأسر المصرية.
- للمزيد : تابع بوابة اليوم الاخبارية، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .