الشهداء المجوعين.. استشهاد 798 فلسطينيًا حاولوا الحصول على المساعدات في غزة.. “مؤسسة غزة الإنسانية” تنفذ أجندة الاحتلال وواشنطن لتجويع واستعباد أهالي القطاع

القاهرة: بوابة اليوم الإخبارية
لا يزال الاحتلال الإسرائيلي يمارس أبشع الجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة، فلم يكتف العدوان الإسرائيلي بحصد أرواح نحو 58 ألف شهيد، بالإضافة إلى نحو 138 ألف مصاب منذ أكتوبر 2023، فراحت قواته لمواصلة جرائمها عبر استهداف الباحثين عن قوت يومهم، فبحسب تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فقد استشهد 798 فلسطينيًا خلال محاولتهم الحصول على المساعدات في غزة منذ نهاية مايو 2025.
وذكر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أنّ 615 من الشهداء كانوا في محيط مواقع مؤسسة غزة الإنسانية، وأنّ 183 من الشهداء كانوا على طرق قوافل المساعدات في قطاع غزة.
“غزة الإنسانية” المؤسسة المشبوهة لاصطياد واستعباد الفلسطينيين
وتحيط الكثير من الشكوك بـ “مؤسسة غزة الإنسانية” المدعومة أمريكيا وإسرائيلية أيضا والتي تتولى وحدها إيصال المساعدات للفلسطينيين في قطاع غزة، وتتهمها الكثير من المنظمات الحقوقية والإغاثية الدولية بتنفيذ الأجندة الإسرائيلية في تجويع واستعباد ونصب الفخاخ لاستهداف الفلسطينيين داخل القطاع بذريعة “المساعدات الإنسانية”.
ومطلع شهر يوليو الجاري، أصدرت 171 منظمة دولية بيانا تطالب بإغلاق “مؤسسة غزة الإنسانية” الممولة أميركيا وإسرائيليا فورا، لأنها تعرّض المدنيين لخطر الموت والإصابة.
ودعت المنظمات الدولية إلى الضغط على إسرائيل لوقف خطة مؤسسة غزة الإنسانية وإعادة نظام توزيع المساعدات الذي تنسقه الأمم المتحدة، وجاء في البيان “يواجه الفلسطينيون في غزة خيارا مستحيلا إما الموت جوعا أو المخاطرة بالتعرض لإطلاق النار أثناء محاولتهم اليائسة للحصول على الغذاء لإطعام أسرهم”، ومن بين المنظمات الموقعة على البيان أوكسفام وأطباء بلا حدود وهيئة إنقاذ الطفولة والمجلس النرويجي للاجئين ومنظمة العفو الدولية.
ماذا تفعل “مؤسسة غزة الإنسانية” في القطاع؟
ومنذ الثاني من مارس الماضي تغلق إسرائيل معابر قطاع غزة في وجه المساعدات الإنسانية، مما أدخل نحو 2.2 مليون فلسطيني في مجاعة، ومنذ ذلك الحين تقتصر الجهود الإغاثية في غزة على مؤسسة واحدة فقط مدعومة من تل أبيب وواشنطن وهي “مؤسسة غزة الإنسانية”، تلك المنظمة المحفوفة بالمخاطر والمهام المشبوهة داخل القطاع.
وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية تنفذ تل أبيب وواشنطن منذ 27 مايو الماضي خطة لتوزيع مساعدات محدودة بواسطة مؤسسة غزة الإنسانية، حيث يقصف الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين المصطفين لتلقي المساعدات، ويجبرهم على المفاضلة بين الموت جوعا أو رميا بالرصاص.
وبنهاية يونيو 2025، أعلنت الولايات المتحدة أنها ستواصل دعمها لمؤسسة غزة الإنسانية على الرغم من اعتراف الجيش الإسرائيلي بتعرّض مدنيين للأذى في مركز توزيع المساعدات، حيث تستهدف قوات الاحتلال يوميا منتظري المساعدات في غزة وتوقع مئات الشهداء والجرحى بينهم، في استهداف مباشر للقمة عيش الفلسطينيين الذين يتعرضون لإبادة جماعية للشهر الـ22 على التوالي.
وذكرت مديرة الشؤون الإنسانية في هيئة إنقاذ الطفولة بغزة راشيل كامينجز أن أطفالا قتلوا بالرصاص في أكثر من 50% من وقائع الإصابات الجماعية قرب مواقع توزيع الغذاء، مضيفة: “أخبرنا الأطفال بأنهم يتمنون الموت، ليكونوا مع أمهاتهم أو آبائهم الذين قُتلوا، إنهم يريدون أن يكونوا في الجنة ليجدوا الطعام والماء”.
ما هي مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية؟
وتُعد “مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية” -التي أُنشئت حديثاً في ولاية ديلاوير الأمريكية في فبراير الماضي، الجهة المركزية المتهمة بالضلوع في عمليات توزيع مساعدات غذائية مشبوهة، أفضت إلى فوضى وسقوط مئات الضحايا.
وتقول مصادر حقوقية إن المؤسسة ليست سوى واجهة لعملية عسكرية أمنية معقدة، شاركت في إعدادها جهات إسرائيلية وأمريكية، تحت إشراف مباشر من “مجموعة بوسطن الاستشارية” (BCG).
وبحسب مصادر مطلعة، فإن مجموعة BCG عقدت لقاءات سرية مع حكومة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بهدف إعداد خطة لإعادة تشكيل الوضع السكاني في غزة، عبر تجميع السكان في أربع مناطق محددة، بدعوى تسهيل إيصال المساعدات وإعادة الإعمار.
غير أن الخطة فشلت على الأرض، بسبب رفض السكان وأوضاع الحرب، ما دفع المنفذين إلى اللجوء إلى وسائل أخرى أكثر عنفاً وتحكماً.
في هذا السياق، دخلت شركة “GDC” أو “شركة التوصيل العالمية” على الخط، وهي شركة ذات طابع أمني-لوجستي، أسسها رجل الأعمال الإسرائيلي الأمريكي مردخاي (موتي) كاهانا عام 1968، والمعروفة بدورها في إجلاء يهود من مناطق النزاع وتقديم خدمات لوجستية للمنظمات المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي.
لكن في غزة، كانت المهمة مختلفة تماماً٬ إذ تفيد مصادر فلسطينية أن الشركة تقوم بجمع بيانات بيومترية عن سكان القطاع، وتفرض عليهم العيش في مناطق محددة أشبه بمعسكرات احتجاز، في إطار خطة لضبط حركتهم ومراقبتهم وتهجيرهم التدريجي، تحت غطاء “مساعدات إنسانية مشروطة”.
وتشير الوثائق والمعلومات المتداولة إلى أن شركة GDC تعمل بتنسيق وثيق مع منظمات إسرائيلية أمريكية نافذة، مثل “المجلس الإسرائيلي الأمريكي” (IAC)، و”الوكالة اليهودية لأجل إسرائيل”، و”اللجنة اليهودية الأمريكية”. كما ترتبط بعلاقات شراكة عملياتية مع شركة “Constellis” الأمنية، المعروفة سابقاً باسم “بلاك ووتر”، والمتهمة بارتكاب مجازر في العراق وأفغانستان.
ويُشتبه في تورط شركة Constellis في عمليات قتل وإصابة مدنيين فلسطينيين في غزة، أثناء عمليات توزيع المساعدات، بالتعاون مع مؤسسة “غزة للإغاثة الإنسانية” وGDC، في إطار استراتيجية أمنية تهدف إلى تقويض النسيج الاجتماعي الفلسطيني، وإحداث تغييرات ديمغرافية في مناطق محددة من القطاع، وفق ناشطين حقوقيين.
أمريكا تصر على دعم مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية رغم جرائمها
وعلى الرغم من الجرائم المشبوهة المتعلقة بالمؤسسة، إلا أن واشنطن وتل أبيب الداعمتين الرئيسيتين للمؤسسة المشبوهة تريان غير ذلك، حيث أقدمت الولايات المتحدة على تجاوز عدة شروط أمنية لتسريع منح 30 مليون دولار لمؤسسة غزة الإنسانية، رغم تحذيرات خبراء، الأمر الذي أثار مخاوف بشأن سلامة توزيع المساعدات.
أظهرت مذكرة داخلية أن مسؤولًا رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأمريكية تجاوز تسعة شروط إلزامية تتعلق بـ”مكافحة الإرهاب ومنع الاحتيال”، لتسريع إقرار منحة بقيمة 30 مليون دولار الشهر الماضي لمؤسسة غزة الإنسانية التي تدعمها إدارة الرئيس دونالد ترامب وإسرائيل، وفقا لوكالة “رويترز”.
ووقّع جيريمي لوين، المسؤول عن برنامج المساعدات الخارجية، على المنحة رغم تقييم داخلي يشير إلى أن خطة التمويل المقدمة من مؤسسة غزة الإنسانية لم تستوف الحد الأدنى من المعايير الفنية والمالية المطلوبة.
كما تجاهل لوين 58 اعتراضًا قدمها خبراء الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، الذين طالبوا بمعالجة هذه الملاحظات قبل منح التمويل.
وتوضح مذكرة العمل المؤرخة في 24 يونيو، والموقعة من لوين، أن المنحة أُقرّت بعد خمسة أيام فقط من تقديم المؤسسة طلبها في 19 يونيو، حيث شدد لوين في رسالة إلكترونية على وجود “دعم قوي من الإدارة” وحثّ على صرف الأموال “في أسرع وقت ممكن”.
وأشار لوين في مراسلاته إلى مناقشة الأمر مع مساعدي ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، ووزير الخارجية ماركو روبيو، معتبراً أن القرار سيكون مثيراً للجدل لكنه “سيتحمل عناء ذلك”.
من جانبها، أوضحت وزارة الخارجية الأمريكية أن المنحة أُجيزت بموجب بند قانوني يسمح بتسريع صرف الأموال في حالات الطوارئ لتلبية الاحتياجات الإنسانية بسرعة، مؤكدة أن المؤسسة تخضع لرقابة مشددة على عملياتها وشؤونها المالية، وأنها أُلزمت بمتطلبات إضافية للرقابة والإبلاغ.
بدورها، أكدت مؤسسة غزة الإنسانية أن نموذج عملها مصمم لـ”منع الهدر والاحتيال”، مشيرة إلى أن تعاملها مع الاستفسارات الحكومية روتيني، ومؤكدة أن هدفها “منع حركة حماس من السيطرة على المساعدات الغذائية في القطاع”.
وفي مذكرة منفصلة أرسلها كينيث جاكسون، نائب مدير الوكالة بالإنابة، تم التأكيد على أن المؤسسة “منظمة جديدة لم تستوفِ الشروط الرسمية المطلوبة”، لكن تم التوصية بالتنازل عن تسعة شروط ضرورية نظرًا لـ”الإلحاح الإنساني والسياسي” لعملها.
- للمزيد : تابع بوابة اليوم الاخبارية، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .