قضايا ومتابعات

في قلب المعركة الرقمية.. كيف حاربت اللجان الإلكترونية للإخوان ثورة 30 يونيو؟

القاهرة: بوابة اليوم

في الوقت الذي كانت فيه الحشود المصرية تملأ الشوارع والميادين في 30 يونيو 2013، كانت هناك معركة أخرى لا تقل ضراوة تدور في العالم الرقمي.

فبينما طالب الشعب بإسقاط حكم جماعة الإخوان الإرهابية، كانت اللجان الإلكترونية التابعة للجماعة تشن حربًا إلكترونية ممنهجة بهدف التشويش، التضليل، وكسر إرادة الشارع الثائر.

هذه اللجان، التي تعمل وفق أجندة منظمة وتنسيق مركزي، استخدمت مواقع التواصل الاجتماعي كساحة رئيسية لتمرير رسائل مضللة، وبث الفتن، ومحاولة نزع الشرعية عن الثورة.

آلة دعائية مدججة بالشائعات

مع بدء الدعوات لثورة 30 يونيو، نشطت الحسابات المرتبطة بالإخوان على منصات مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب، في نشر محتوى مكثف يصف الثورة بأنها “انقلاب عسكري مدعوم من الخارج”، ويحذر من الفوضى وسفك الدماء في حال سقط حكم محمد مرسي.

تم تداول صور مفبركة، وفيديوهات قديمة من بلدان أخرى، على أنها مشاهد حديثة من شوارع مصر، في محاولة لبث الذعر بين الناس، وتخويفهم من المشاركة في التظاهرات.

جيوش إلكترونية تعمل من الخارج

كشفت تقارير لاحقة أن الآلاف من الحسابات التي قادت تلك الحملات كانت تُدار من خارج مصر.

كانت هذه الحسابات تنسق فيما بينها عبر مجموعات مغلقة.

نماذج من حملات التضليل الإخوانية

استخدمت اللجان الإلكترونية لجماعة الإخوان عشرات الحملات الرقمية المنظمة في محاولة لتشويه ثورة 30 يونيو، ومن أبرزها:

حملة “الشرعية خط أحمر”

بدأت قبل أيام من 30 يونيو، وروجت لخطاب أن أي مساس بمحمد مرسي هو خيانة للدين والوطن، مصورة إياه كـ”رئيس مؤيد من الله”، مستخدمة ألفاظ دينية ومصطلحات فقهية لإرباك الناس.

“فبركة صور الميادين”

تداولت اللجان صورًا جوية مزيفة لميدان رابعة، وقامت بتركيب صور لحشود قديمة وإعادة نشرها باعتبارها “رد جماهيري على مظاهرات 30 يونيو”، في محاولة للرد على الزخم الشعبي الحقيقي.

” فيديوهات الدم والدمار”

بعد تدخل الجيش في 3 يوليو، نشرت اللجان فيديوهات من سوريا والعراق وقطاع غزة على أنها من شوارع القاهرة، للترويج بأن مصر “دخلت نفقًا مظلمًا” بسبب الثورة.

“اتهامات بالتآمر”

أطلقت حسابات إخوانية حملات تتهم رموزًا وطنية، مثل الرئيس عبد الفتاح السيسي  وشخصيات سياسية وإعلامية، بأنهم عملاء للخارج، بحسب زعمهم.

اللجان الإلكترونية.. من الفيسبوك إلى التيك توك

مع تطور وسائل التواصل، لم تقتصر جهود اللجان على فيسبوك وتويتر، بل امتدت إلى يوتيوب، وتيليجرام، ولاحقًا تيك توك.

ففي 2013 و2014، نشطت حسابات مزيفة تدير قنوات وهمية تنشر مقاطع مسجلة لعناصر الجماعة تتحدث عن “بطولات المقاومة”، وتروج لفكرة أن ما جرى في 30 يونيو انقلاب دموي، بحسب فكرهم وزعمهم.

وفي السنوات التالية، استخدمت الجماعة تطبيقات أكثر حداثة لبث مقاطع قصيرة ومؤثرة عاطفيًا، تستهدف جيل الشباب، وتحمل رسائل متطرفة أو مغلوطة، مستخدمة أدوات المونتاج والموسيقى العاطفية، لإثارة التعاطف والتشويش.

تمويل ضخم وتوجيه خارجي

بحسب تقارير أمنية وإعلامية، لم تكن هذه الحملات عشوائية، بل ممولة بشكل جيد.

وتم رصد تحويلات مالية من منظمات ومؤسسات مشبوهة تعمل في دول داعمة للجماعة ، هدفها تمويل غرف عمليات إلكترونية يديرها شباب مدرب على الحرب السيبرانية.

كما تم ضبط أدلة على استئجار مكاتب علاقات عامة دولية من قبل الإخوان لترويج روايتهم في وسائل إعلام عالمية.

المواجهة.. كيف تصدت الدولة والمجتمع؟

لم تقف الدولة المصرية مكتوفة الأيدي، بل تم إغلاق آلاف الحسابات المزيفة بالتعاون مع شركات التواصل الاجتماعي.

رصد شبكات التمويل الرقمي لبعض العناصر وتحويلاتهم البنكية.

إطلاق حملات توعية رقمية من خلال المؤسسات الإعلامية الكبرى لكشف الشائعات بالحقائق.

ظهور منصات مضادة من المجتمع المدني والشباب، مثل صفحات “أنت مش لوحدك” و”الشارع قال كلمته”، التي رصدت زيف الصور والمقاطع التي تنشرها لجان الإخوان، وردت عليها بالسخرية أو التوضيح المنطقي.

زر الذهاب إلى الأعلى