تقارير

أكبر تسونامي في التاريخ.. حينما اهتز كوكب الأرض تحت جبروت الطبيعة

القاهرة: بوابة اليوم الإخبارية

بينما تتجه أنظار العالم مؤخراً إلى تحذيرات جديدة من موجات تسونامي مدمّرة قد تضرب اليابان، والولايات المتحدة، وروسيا، يعود إلى الواجهة سؤال لا يغيب عن الذاكرة البشرية، ما هو أكبر تسونامي شهدته الأرض؟ وكيف بدّل ملامح دول وخلّف وراءه مئات الآلاف من الضحايا؟

التاريخ لا ينسى، ويوم السادس والعشرين من ديسمبر عام 2004، كان شاهداً على كارثة غير مسبوقة، حين ضرب زلزال هائل المحيط الهندي بالقرب من سواحل جزيرة سومطرة الإندونيسية، بلغت شدته 9.3 درجات على مقياس ريختر، ليكون ثالث أقوى زلزال سُجّل في التاريخ، والأكبر في القرن الحادي والعشرين.

موجات عملاقة… وموت جماعي

بفعل الزلزال، ارتفع قاع البحر بشكل عمودي في غضون لحظات، مما تسبب بإزاحة ضخمة لمليارات الأطنان من المياه، وأطلق موجات تسونامي وصل ارتفاعها في بعض المناطق إلى 30 مترًا، اندفعت بسرعة هائلة نحو الشواطئ، مدمرة كل ما اعترض طريقها.

كانت النتيجة مروّعة: أكثر من 228 ألف شخص لقوا حتفهم في 14 دولة، في كارثة وصفها العلماء بأنها أكبر موجات تسونامي عرفها العصر الحديث. هذا الزلزال، الذي عُرف إعلاميًا بـ”تسونامي يوم الملاكمة”، لم يكن مجرد كارثة محلية، بل اهتزّ معه كوكب الأرض بأكمله بنحو 10 ملم، حسب التقديرات الجيولوجية.

تصدع الأرض… واستغاثات لم يسمعها أحد

الفالق النشط بين صفيحة بورما والصفيحة الهندية انزلق لمسافة هائلة، محدثاً تصدعات شديدة أدت إلى اندفاع أجزاء ضيقة من قاع البحر إلى السطح في ثوانٍ معدودة، ما زاد من عنف الموجات التي انتشرت لاحقًا بسرعة مذهلة: خمس ساعات كانت كافية لوصولها إلى سواحل غرب أستراليا، وسبع ساعات لتصل إلى شبه الجزيرة العربية، بينما لم تضرب جنوب أفريقيا إلا بعد 11 ساعة تقريباً من لحظة الزلزال.

شعر بالهزّة القاتلة سكان بنغلاديش، الهند، ماليزيا، ميانمار، تايلاند، سريلانكا والمالديف، بينما استيقظ العالم على أخبار مروعة وصور تصوّر شوارع غمرها الماء، وأجساداً طافية بلا هوية، وبلدات اختفت تحت رماد البحر.

14 مليار دولار… لا تمحو الندبة

الأضرار البشرية كانت صادمة: 227,898 وفاة موثّقة رسميًا وفق هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، فيما صرّحت وزيرة الصحة الإندونيسية آنذاك أن عدد القتلى في بلادها وحدها تجاوز 220 ألف شخص، بالإضافة إلى ما يقارب 9,000 سائح أجنبي لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال قضاء عطلتهم في جزر جنوب شرق آسيا.

الردّ الدولي جاء سريعاً؛ حيث أُطلقت أكبر حملة إغاثة في التاريخ، وبلغت قيمة التبرعات العالمية أكثر من 14 مليار دولار، لكنها لم تكن كافية لتعويض الخسائر البشرية أو النفسية التي خلفها هذا اليوم الأسود في ذاكرة الشعوب المتضررة.

عودة التحذيرات… هل يتكرر المشهد؟

في ظل التوترات البيئية الحالية، وبعد الزلزال المدمّر في المغرب، والإعصار الكارثي الذي ضرب ليبيا مؤخرًا، تعود المخاوف من سيناريوهات مشابهة، مع تحذيرات عابرة للقارات من تسونامي جديد قد يضرب مناطق حيوية في العالم.

هل كانت كارثة 2004 مجرد إنذار؟ أم بداية لعصر جديد من الغضب الكوني على ممارسات البشر بحق الأرض؟، ربما لا تملك البشرية رفاهية الانتظار لمعرفة الإجابة. فحين تضرب الطبيعة، لا تُمهل أحدًا، ولا تفرّق بين وطنٍ أو جنسية، ولا يعصم منها مالٌ أو تكنولوجيا.

زر الذهاب إلى الأعلى