خالد العناني.. كيف صنعت مصر نموذجًا في فن إدارة الحملات الدولية؟

القاهرة: بوابة اليوم الإخبارية
في لحظة وطنية ملهمة، وبمزيج من الفخر والدروس المستفادة، أعلنت منظمة اليونسكو في السادس من أكتوبر 2025 اختيار الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار المصري السابق، لمنصب المدير العام للمنظمة بعد فوزه بتأييد شبه كامل من المجلس التنفيذي (55 صوتًا من أصل 58)، وبينما لا يزال التصويت النهائي بانتظار التصديق عليه من المؤتمر العام لليونسكو في نوفمبر المقبل (وهو إجراء شكلى)، فإن هذا الفوز يُعد انتصارًا دبلوماسيًا وثقافيًا تاريخيًا لمصر والعالم العربي.
لكن وراء هذا الفوز قصة أكبر من مجرد ترشيح رسمي، إنها حالة دراسية متكاملة في فن إدارة الحملات الدولية باحتراف، تستحق أن تُدرس وتُتداول.
حملة عنوانها: “اليونسكو من أجل الشعوب”
في منشوره على LinkedIn، أكد الدكتور خالد العناني أن الحملة لم تكن تقليدية. بل كانت رحلة حوار دولي ممتدة، زار خلالها 65 دولة، وأجرى أكثر من 400 لقاء مباشر مع مسؤولين وممثلين من مجتمعات ثقافية وتعليمية حول العالم. ومن هذا التفاعل، وُلدت رؤية واقعية جامعة حملت شعار: “اليونسكو من أجل الشعوب – UNESCO for the People”.. رؤية تبتعد عن الطرح النخبوي التقليدي، وتعتمد على الإنصات، وبناء خطط واقعية تشاركية، تنبثق من احتياجات الدول نفسها.
مؤهلات تقود
الدكتور خالد العناني ليس دبلوماسيًا بالمعنى الكلاسيكي، بل هو عالم آثار ومؤرخ وأكاديمي، حاصل على الدكتوراه في علم المصريات من جامعة بول فاليري مونبلييه الفرنسية، وسبق أن قاد مشروعات ثقافية كبرى مثل المتحف القومي للحضارة المصرية وموكب المومياوات الملكية. هذه السيرة المهنية أضفت عليه شرعية ثقافية ومعرفية حقيقية.
الدعم السياسي المصري: إرادة
أحد المفاتيح الكبرى لهذا الإنجاز كان الدعم المباشر من مؤسسة الرئاسة والحكومة المصرية، فقد تمت ترجمة هذا الدعم في صورة تحركات دبلوماسية رفيعة، وتنسيق كامل بين وزارة الخارجية، والبعثات المصرية بالخارج، والسفارات، في مشهد يعكس تكامل الدولة خلف هدف دولي واضح.
في عالم متعدد الأقطاب، تبقى التحالفات الإقليمية الذكية أداة استراتيجية فعالة، وقد نجحت مصر في تحويل الترشيح إلى ملف عربي أفريقي مشترك مدعوم من الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية.
فريق الحملة: شباب محترف وخبرات تخصصية
ما ميّز هذه الحملة أيضًا، في رأيي الشخصي، هو وجود فريق عمل دبلوماسي متخصص يقف وراء كل تفاصيل التحرك، بعيدًا عن البهرجة الإعلامية أو التدخلات غير المتخصصة.
أبرز أعضاء الفريق وفق الموقع الرسمي للدكتور خالد العناني:
• السفير وائل عبد الوهاب – مدير الحملة: دبلوماسي ونائب سابق لمندوب مصر لدى اليونسكو. يقود إدارة شؤون اليونسكو بالخارجية.
• أحمد الحمامي – منسق الحملة: اقتصادي ودبلوماسي بخبرات ممتدة في نيويورك وأفريقيا، وله جذور في العمل الاستشاري الخاص.
• ماري سليمان – مستشارة: دبلوماسية ذات خبرة في الشؤون متعددة الأطراف والشراكات الدولية.
• ميران طه – خبيرة اقتصادية: تتابع دراستها للماجستير في كينغز كوليدج بلندن ضمن بعثة Chevening.
• ريم عاكف – مستشارة إعلام وبحث: متخصصة في السياسات الإقليمية والاتصال الاستراتيجي.
• ندى خطاب – باحثة في علم المصريات والتراث: تحمل درجتي ماجستير من فرنسا وتتابع الدكتوراه.
• آية أبو العينين – باحثة في التنمية الحضرية والاستدامة: تحمل ماجستير من UCL البريطانية وتعمل على ملفات التأثير الاجتماعي.
هذا الفريق المتعدد الخلفيات – من الدبلوماسية، الاقتصاد، الإعلام، التنمية، والآثار – جسّد العمل المؤسسي القائم على الكفاءة والتخصص، بعيدًا عن ثقافة “أهل الثقة”.
مدير عربي للمرة الأولى
بانتظار التصويت النهائي في نوفمبر، يصبح الدكتور خالد العناني أول مدير عربي لليونسكو، وهو تطور رمزي ومؤسسي يعكس بداية مرحلة جديدة من التمثيل العربي الفعّال في المنظمات الدولية.
لكن التحدي القادم لن يكون بسيطًا؛ فالمنظمة تمر بمرحلة دقيقة على مستوى التمويل، وإعادة بناء الثقة، وتوسيع قاعدة المشاركة، والانتقال من خطاب الشعارات إلى سياسات ذات أثر ملموس.
الدرس الأكبر: كيف ننتصر؟
ما حدث ليس فقط فوزًا فرديًا، بل إنه نموذج يُحتذى في كيف تنتصر الدولة عندما تمتلك:
• إرادة سياسية واعية
• تخطيطًا علميًا واستراتيجيًا
• اختيارًا قائمًا على الجدارة
• وتوظيف كفاءات شابة متخصصة
إنه نموذج يقول: حين تُدار الحملات بمهنية، وتُمنح الفرصة لأصحاب الكفاءة.. فإننا لا ننافس فقط، بل ننتصر.
- للمزيد : تابع بوابة اليوم الاخبارية، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .